فصل: (سورة البقرة: آية 188):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.الصرف:

{الرفث} مصدر سماعيّ لفعل رفث يرفث باب نصر وزنه فعل بفتحتين أو هو من باب ضرب.
{لباس} اسم جامد لما يلبس من فعل لبس يلبس باب فرح، وزنه فعال بكسر الفاء جمعه لبس بضمّ فسكون وألبسة بفتح الهمزة وكسر الباء.
{تختانون} في الكلمة إعلال بالقلب وأصله تختونون بكسر الواو الأولى، مجرّده خان يخون، تحرّكت الواو بعد فتح قلبت ألفا، في الماضي والمضارع.
تاب: فيه إعلال بالقلب فالألف منقلبة عن واو مضارعه يتوب مصدره توبا وتوبة. تحرّكت الواو بعد فتح قلبت ألفا، فوزنه فعل بفتحتين انظر الآية 37 من هذه السورة.
{عفا} فيه إعلال بالقلب جرى مجرى تاب.
{ابتغوا} فيه إعلال بالتسكين وإعلال بالحذف، أصله ابتغيوا بضمّ الياء لام الفعل جاءت خامسة، ثم سكّنت إذ نقلت حركتها إلى ما قبلها، ثمّ حذفت لالتقائها ساكنة مع واو الجماعة الساكنة.
{الخيط} الأصل فيه هو أنه مصدر فعل خاط خيط باب ضرب، ثمّ استعمل اسما جامدا للسلك من كتان أو حرير أو قنّب أو غيره.. وفي الآية الكريمة جاء بمعنى بياض الصبح أو سواد الليل وزنه فعل بفتح فسكون.
{الأبيض} صفة مشبّهة من الثلاثي بيض يبيض باب فرح، وزنه أفعل.
{الأسود} صفة مشبّهة من الثلاثي سود يسود باب فرح، وزنه أفعل.
{الفجر} مصدر في الأصل من فجر يفجر باب نصر، ثمّ أصبح يطلق على ضوء الصباح وزنه فعل بفتح فسكون.
{عاكفون} جمع عاكف، اسم فاعل من عكف الثلاثيّ وزنه فاعل.
{حدود} جمع حدّ مصدر سماعيّ لفعل حدّ يحدّ باب نصر وزنه فعل بفتح فسكون، وقد جاءت عينه ولامه من حرف واحد، ووزن حدود فعول بضمّ الفاء.

.البلاغة:

1- {هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ}.
أي هن سكن لكم وأنتم سكن لهن، ولما كان الرجل والمرأة يتعانقان ويشتمل كل منهما على صاحبه شبه كل واحد بالنظر إلى صاحبه باللباس أو لأن كل واحد منهما يستر صاحبه ويمنعه عن الفجور وهذا على سبيل الكناية.
2- وقوله: {مِنَ الْفَجْرِ} بيان للخيط الأبيض، واكتفى به عن بيان الخيط الأسود. لأن بيان أحدهما بيان للثاني. فإن قلت أهذا من باب الاستعارة أم من باب التشبيه؟
قلت: قوله: {مِنَ الْفَجْرِ} أخرجه من باب الاستعارة، كما أن قولك:
رأيت أسدا مجاز. فإذا زدت من فلان رجع تشبيها. فإن قلت فلم زيد {مِنَ الْفَجْرِ} حتى كان تشبيها؟ وهلا اقتصر به على الاستعارة التي هي أبلغ من التشبيه وأدخل في الفصاحة؟
قلت: لأن من شرط المستعار أن يدل عليه الحال أو الكلام، ولو لم يذكر {مِنَ الْفَجْرِ} لم يعلم أن الخيطين مستعاران، فزيد {مِنَ الْفَجْرِ} فكان تشبيها بليغا وخرج من أن يكون استعارة.
3- الطباق: لأنه طابق بين الأسود والأبيض، أما ذكر بقية الألوان فيسمى تدبيجا.
4- و{الرفث} في الآية كناية عن الجماع.

.[سورة البقرة: آية 188]:

{وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (188)}.

.الإعراب:

الواو استئنافيّة {لا} ناهية جازمة {تأكلوا} مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون.. والواو فاعل أموال مفعول به منصوب وكم ضمير مضاف إليه بين ظرف مكان منصوب متعلّق ب {تأكلوا} {بالباطل} جار ومجرور متعلّق ب {تأكلوا} الواو واو المعيّة {تدلوا} مضارع منصوب بأن مضمرة وجوبا بعد واو المعيّة وعلامة النصب حذف النون.. والواو فاعل الباء حرف جرّ وها ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب {تدلوا} {إلى الحكّام} جارّ ومجرور متعلّق ب {تدلوا}.
والمصدر المؤوّل أن تدلوا معطوف على مصدر مسبوك من مضمون الكلام السابق أي: لا يكن أكل للأموال وإدلاء بها إلى الحكّام.
اللام للتعليل تأكلوا مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام.
الواو فاعل {فريقا} مفعول به منصوب {من أموال} جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف نعت ل {فريقا} {الناس} مضاف إليه مجرور، {بالإثم} جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف حال من الضمير في {تأكلوا} أي متلبسين بالإثم.
والمصدر المؤوّل أن تأكلوا في محلّ جرّ باللام متعلّق ب {تدلوا} أو بفعل الطلب: لا تأكلوا.
الواو حاليّة {أنتم} ضمير منفصل مبتدأ {تعلمون} مضارع مرفوع.
والواو فاعل.
وجملة: {لا تأكلوا} لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: {تدلوا} لا محلّ لها صلة الموصول الحرفي.
وجملة: {تأكلوا فريقا} لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ.
وجملة: {أنتم تعلمون} في محلّ نصب حال.
وجملة: {تعلمون} في محلّ رفع خبر المبتدأ أنتم.

.الصرف:

الباطل: اسم فاعل من بطل يبطل على وزن فاعل، ثمّ استعمل اسما بمعنى ضدّ الحقّ.
{تدلوا} فيه إعلال بالحذف أصله تدليوا بضمّ الياء، استثقلت الضمّة على الياء فنقلت إلى الحرف الذي قبلها، التقى ساكنان فحذفت الياء وأصبح الفعل تدلوا وزنه تفعوا.
{الحكّام} جمع الحاكم، أصله اسم فاعل من حكم يحكم باب نصر ثمّ أصبح اسما يطلق على من يحكم بين الناس، وزنه فاعل.

.الفوائد:

1- تتقدم لام التعليل على الفعل المضارع فينصب وقد اختلف النحاة بأسباب النصب ولهم في ذلك رأيان: أحدهما أنه منصوب بأن مضمرة جوازا بعد اللام وهو الرأي المعمول به اليوم وهو رأي البصريين وثانيهما وهو رأي الكوفيين وهو أن الفعل منصوب بكي مضمرة جوازا بعد اللام، ويبدو أن الرأي الأول هو الراجح لأنه من الشائع عمل أن ظاهرة ومضمرة وجوازا أو وجوبا.
2- من عجائب فقه اللغة دلالة الحروف منفصلة على معان خاصة بها من ذلك أن كل فعل فاؤه دال وعينه لام يدل على الحركة مقرونة بالتدلّي أو الانملاس ومن أحب الاستزادة من خصائص الحروف فعليه بالرجوع إلى كتب فقه اللغة.

.[سورة البقرة: آية 189]:

{يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (189)}.

.الإعراب:

{يسألون} مضارع مرفوع.. والواو فاعل والكاف ضمير مفعول به {عن الأهلّة} جارّ ومجرور متعلّق ب {يسألون} {قل} فعل أمر والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت هي ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ {مواقيت} خبر مرفوع {للناس} جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف نعت لمواقيت {الحج} معطوف على الناس بالواو مجرور مثله الواو عاطفة {ليس} فعل ماض ناقص جامد {البرّ} اسم ليس مرفوع الباء حرف جرّ زائد أن حرف مصدريّ ونصب {تأتوا} مضارع منصوب وعلامة النصب حذف النون.. والواو فاعل {البيوت} مفعول به منصوب {من ظهور} جارّ ومجرور متعلّق ب {تأتوا} بتضمينه معنى تدخلوا وها ضمير مضاف إليه.
والمصدر المؤوّل {أن تأتوا} في محلّ جرّ بالحرف الزائد- وهو المحلّ القريب- وفي محلّ نصب خبر ليس- وهو المحلّ البعيد.
الواو عاطفة لكنّ حرف استدراك ونصب {البرّ} اسم لكنّ منصوب وهو على حذف مضاف أي ذا البرّ {من} اسم موصول مبنيّ في محلّ رفع خبر {اتّقى} فعل ماض مبنيّ على الفتح المقدّر على الألف والفاعل ضمير مستتر تقديره هو وهو العائد الواو استئنافيّة {ائتوا} فعل أمر مبنيّ على حذف النون.. والواو فاعل {البيوت} مفعول به منصوب من أبواب جارّ ومجرور متعلّق ب {ائتوا} وها ضمير مضاف إليه الواو عاطفة {اتّقوا} مثل ائتوا {اللّه} لفظ الجلالة مفعول به منصوب {لعلكم تفلحون} تقدّم إعراب نظيرها.
جملة: {يسألونك} لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: {قل} لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: {هي مواقيت} في محل نصب مقول القول.
وجملة: {ليس البرّ بأن تأتوا} في محلّ نصب معطوفة على جملة هي مواقيت.
وجملة: {لكنّ البرّ من} في محلّ نصب معطوفة على جملة ليس البرّ.
وجملة: {اتّقى} لا محلّ لها صلة الموصول {من}.
وجملة: {ائتوا البيوت} لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: {اتّقوا اللّه} لا محلّ لها معطوفة على جملة ائتوا البيوت.
وجملة: {لعلّكم تفلحون} لا محلّ لها تعليليّة.
وجملة: {تفلحون} في محلّ رفع خبر لعلّ.

.الصرف:

{الأهلّة} جمع هلال، اسم جامد وأصله أهللة- بسكون الهاء وكسر اللام الأولى وفتح الثانية- ثمّ سكّنت اللام الأولى ونقلت حركتها إلى الساكن قبلها وأدغمت مع اللام الثانية، وزنه أفعلة.
{مواقيت} جمع ميقات، وفي الكلمة إعلال بالقلب أصله موقات بكسر الميم وسكون الواو لأنه من الوقت. جاءت الواو ساكنة بعد كسر قلبت ياء، وفي الجمع عادت الواو إلى أصلها، وزن مواقيت مفاعيل.
{الحجّ} مصدر سماعيّ لفعل حجّ يحجّ باب ضرب وزنه فعل بفتح الفاء وسكون العين، وقد يرد بكسر الفاء- كما سيأتي في الآية [97] من سورة آل عمران.
{تأتوا} فيه إعلال بالحذف بعد إعلال التسكين، وأصله تأتيوا بضمّ الياء، استثقلت الضمّة على الياء فنقلت حركتها إلى التاء وسكنّت، التقى ساكنان فحذفت الياء وأصبح تأتوا، وزنه تفعوا.
{البيوت} جمع البيت، اسم جامد للمسكن من شعر أو حجر أو مدر أو غيره، وزنه فعل بفتح فسكون، وثمّة جمع آخر هو أبيات ووزن بيوت فعول بضمّ الفاء..
ظهور: جمع ظهر اسم جامد للعضو المعروف، وهو بلفظ المصدر وزنه فعل بفتح فسكون.. ووزن ظهور فعول بضمّ الفاء، وثمّة جمعان آخران هما أظهر بضمّ الهاء، وظهران بضمّ الظاء [الآية 101].
{اتّقى} فيه إبدال وإعلال، أمّا الإبدال فهو في قلب فاء الكلمة- وهي الواو- تاء لمجيئها قبل تاء الافتعال، وأصله اوتقى. أمّا الإعلال فهو قلب لام الكلمة- وهي الياء- ألفا، أصله اتّقي بفتح الياء، جاءت الياء متحرّكة بعد فتح قلبت ألفا فأصبح اتّقى، وزنه افتعل.
{وأتوا} في الكلمة حذف همزة الوصل في أوّلها لتقدّم الواو عليها، أصله ائتوا، فلمّا جاءت الواو حذفت همزة الوصل ورسمت الهمزة بعد ذلك على ألف... وفي الكلمة إعلال بالحذف جرى فيه مجرى تأتوا.

.البلاغة:

1- {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى}.
فإن قلت: ما وجه اتصال هذا الكلام بما قبله.
قلت: هذا من الاستطراد في كتاب الله تعالى ومثله قوله تعالى: {وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا} إلى آخر الآية. فإنه تعالى بين عدم الاستواء بينهما إلى قوله: {أجاج} وبذلك تم القصد في تمثيل عدم استواء الكافر والمسلم. ثم قوله: {وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ} لا يتقرر به عدم الاستواء، بل المفاد به استواؤهما فيما ذكر، فهو من اجراء الله الكلام بطريق الاستطراد المذكور.

.الفوائد:

1- في هذه الآية وما تبعها من آيات يكثر تساؤل المسلمين عن أمور لها مساس في دينهم وهي من جوهر حياتهم الجديدة، يسألون رسولهم عن الأهلة ما شأنها؟ ما بال القمر يبدو هلالا، ثم يكبر حتى يستدير بدرا ثم يأخذ في التناقص حتى يختفي، ثم يسألونه ماذا ينفقون، وعن مقدار ما ينفقون ويسألونه عن القتال في الشهر الحرام وعند المسجد الحرام. ويسألونه عن الخمر والميسر وحكمهما ويسألونه عن المحيض وعن علاقة الرجال بالنساء في تلك الفترة.
ولهذه الأسئلة دلالة على تفتح الفكر ويقظة الحس الديني كما لها دلالة تاريخية على تطور الدعوة وما يواجهها من عقبات.
2- في هذه الآية وما يليها من آيات. تلاحظ تلك التعقيبات الهادفة والتي لها علاقة ماسة بموضوع الآية، وتذكر بتقوى اللّه. {وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} {إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ} {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى} {وَاتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ} فهذه التعقيبات مرتبطة ارتباطا وثيقا بالشعائر التعبدية، والمشاعر القلبية والتشريعات التنظيمية وهي خاصة مطردة من خصائص القرآن الكريم.